الثلاثاء، 23 فبراير 2010


المرأة ودورها في تاريخ المسرح الليبي

بقلم/ بعيو المصراتي

في غياب التوثيق الصحيح والتاريخ المدون بكل الوسائل المتاحة في الأزمنة السابقة أو المعاصرة يظل هناك الكثير والكثير من الأحداث والحقائق غائبة عن القارئ والمتابع للحركة المسرحية الليبية، بالرغم من أن العديد من الفنانين الليبيين القدماء كانوا بين الحين والآخر يتناولون السرد الشفهي في كل فرصة تتاح لهم هنا أم هناك. في جلسات وأحاديث عن الفن والحركة المسرحية في ليبيا. و للأسف الشديد رغم كل ما سبق ذكره إلا أننا كنا مخفقين في تدوين ذلك، ومع مرور الوقت ذهب ما قيل حول هذا الموضوع هباء إلا ما احتفظت به ذاكرتنا.

ومن الأمثلة على ذلك دور المرأة الليبية الفنانة كمساهمة فعالة في إثراء الحركة المسرحية والفنية والنهوض بها لمساواتها بالرجل بالرغم من أن الفنان الليبي متذبذب في بعض الأحيان في مسيرة ونهضة الحركة المسرحية في ليبيا، وحسب ما هو متداول ومعروف بين الأوساط الفنية والثقافية بأن البداية المسرح في ليبيا كانت في سنة 1908م، أي أكثر من قرن مضى.

هذه الحركة المسرحية رغم مرور أكثر من مئة سنة عليها إلا أننا نجد بأن دور المرأة قد ظهر للمتبع والمشاهد في الستينيات من القرن الماضي أي بعد أكثر من 50 عاما بعد ظهور هذه الحركة.

لقد كانت البداية لدور المرأة في المسرح بفنانات صامدات مازلن لهذه اللحظة مستمرات في العطاء والإبداع ولو بصورة متقطعة وغير متواصلة. ومجهود البقاء والثبات لهن وحده يعطي دلالة على قوة المرأة في مواجهة ما تعانيه من قسوة المجتمع عليها من زاوية، ونظرة بعض المستويات القصيرة المدي على تهميش المرأة من زاوية أخرى، وهذه النظرة وهذه المعاملة لا تعطي أبجديات الحق الإنساني في التعايش على أسس المساواة والتعاون والرقي بأي مجتمع من حالة إلى حالة أكثر حضارة وتقدم.

كما يجب أن ننبه القارئ بأن هناك العديد من المحاولات التي قام بها عددا من رواد النهضة الفنية في ليبيا، وذلك لاسترداد دور المرأة وحقها في هذا الفن والإبداع.

ومن هذه المقدمة سأحاول تسليط الضوء على الفنانات الليبيات، اللواتي قدمن للمسيرة الفنية والمسرحية على الساحة الليبية سنوات من العطاء و الفن والإبداع.

ونتيجة لعدم توفر جميع المعلومات الفنية حول الكثير من الفنانات اللواتي بدأن المسيرة الفنية منذ البدايات أمثال الفنانة حميدة الخوجة والفنانة المرحومة فاطمة عبدالكريم والفنانة فاطمة عمر، فأني سأبدأ بالسيدة الفنانة القديرة سعاد الحداد لتوفر المادة حولها لدي.

*****

الفنانة القديرة سعاد الحداد

لم تكن الصدفة وحدها التي قادت الفنانة" سعاد الحداد " الى خشبات المسارح السورية حيث إقامتها كمهاجرة هناك شأن العديد من الأسر الليبية . ولكن حدس المخرج الليبي الكبير " صبري عياد " _ الذي تربطه صداقة ودودة مع والدها_ هو الذي قاده اليها وهي في مستهل صباها ، عندما رشحها لتشارك في مسرحية " قيس و ليلى " . التي قدمتها " فرقة مصرية زائرة " من بطولة الفنان " حسين رياض " لتشارك في فعاليات " معرض دمشق الدولي. (*)

حضور الفنانة سعاد الحداد إلى ليبيا في تلك الفترة أي أواخر الستينيات من القرن الماضي لم يكن مجرد سد ثغرات غياب الحضور النسائي في المسرح الليبي فحسب، بل قطعت خط العودة على الرجال الذين يجسدون الأدوار النسائية ونهائياً . فحضورها بعد رائدة المسرح الليبي بسنوات قليلة " الفنانة "حميدة الخوجة" وبصحبة صديقتها الدائمة الإذاعية والممثلة" فاطمة عمر، والمرحومة فاطمة عبدالكريم" وفاطمة وعائشة الحاجي" اللواتي لم يواصلن المسيرة، وأخريات غيرهن، لم يكن سد فراغ لمرحلة أنتهت فقط، بل يعد فتحاً حقيقيا للمسرح الليبي. (*)

كان أول لقاء لي معها عبر الإذاعة المسموعة (إذاعة صوت الوطن العربي) سنة 1982م في عمل مسموع من تأليف كاتب عربي من السودان و من إخراج السيدة سعاد الحداد، وللمصادفة كان هذا العمل هو أول أعمالي الإذاعية مع نخبة من الفنانين الليبيين الكبار، ولقد أبهرني حضورها وتواجدها الدائم والقوي والمتميز كمخرجة للعمل وفي توجيه الممثلين وابدأ ملاحظاتها بقوة شخصيتها وسيطرتها على مجريات العمل الفني رغم الحشد الهائل من الفنانين المبدعين الليبيين ورغم طول حلقات المسلسل.

ولقد قدمت الفنانة القدير سعاد الحداد الكثير من الأعمال المسرحية باللغة العربية، بداية من مسرحية أهل الكهف، مع الفرقة الوطنية 1965م إخراج المخرج الفنان عمران المدنيني، ثم استمرت في مشاركاتها ما بين المسرح الوطني (وهي أحد مؤسسيه) والفرقة الوطنية وفرقة المسرح الحر ومع باقي الفرق الأهلية.

ومن أعمالها المسرحية:

- راشمون - تشرق الشمس - شجرة النصر- الأقنعة - شكسبير في ليبيا - الصوت والصدى - وطني عكا - الزير سالم - حمل الجماعة ريش - السندباد - العادلون - غرام يزيد - شركان في بيت زاره - لعبة السلطان و الوزير

تلقب الفنانة القديرة سعاد الحداد بسيدة المسرح الليبي، فهي فنانة مثابرة جادة صابرة معطاة بدون ملل أو كلل، مشوارها الفني حافل بكل ما هو مبدع ومفيد في كل مجالات الفنون التي عملت بها، من مسرح - دراما تلفزيونية – إخراج مسرحي وتلفزيوني ومسموع – سينما.

وأخيرا أود الإشارة بأن هناك فنانات ليبيات أخريات، لا يزلن مستمرات في عطائهن الغير محدود في إثراءالحركة الفنية والمسرحية في ليبيا، سيكون لي معهن وقفات لإعطاء القارئ الصورة الكاملة لإبداعهن على خشابات المسارح واستوديوهات التلفزيون والإذاعة لسنوات طويلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عن (موقع مسرحيون) عن مقابلة كان قد أجراها الفنان الصديق نوري عبد الدائم في كتابه بعنوان (المسرح الليبي المعاصر) وهو يسلط الضوء على هذه الفنانة المبدعة.

ليست هناك تعليقات: