الثلاثاء، 18 مايو 2010

المسرح الجامعي الليبي أكثر من 30 عاماً على تأسيسه

المسرح الجامعي الليبي

أكثر من 30 عاماً على تأسيسه

بقلم/ بعيو محمد المصراتي

اطّلعتُ مؤخرًا على خبر يتناولُ فيهِ عرضًا لمهرجان المسرح الجامعي الذي قدّمَ في مدينة فاس بالمغرب (1)، وكانَ المهرجان قد استضاف عدّة فرق جامعية من مدن عربية شتّة من المشرق العربي وخليجه وحتى مغربه، وما أثارَ انتباهي في هذا الخبر أنّ المسرح الجامعي الليبي لم يشارك بهذا التجمع المسرحي الشبابي، رغم وجود عدد كبير من الجامعات في ليبيا يصل إلي 20 جامعة، قلصت في الأونة الأخيرة إلي 7 جامعات، أو أكثر أو أقل ولكن لا حضور شبابي أو مسرحي أو حتي ثقافي، رغم أنني قد قرأت بعض الأخبار في الفترات الأخيرة عن مهرجان المسرح الجامعي العربي، الذي أقيم في بنغازي في نوفمبر 2009م، وبحضور متواضع من المسارح الجامعية العربية، كذلك عن بعض مشاركات المسرح الجامعي الليبي، في المهرجانات والعروض الداخلية ، وفي المهرجانات الخارجية علي مستوي العالم العربي.

لكن لو رجعنا قليلاً للخلف أو لنقل لــ 30 سنة مضت، فأننا سنتحدث عن بداية المسرح الجامعي في ليبيا وأولي خطواته التي كانت من طرابلس، ومن خلال هذه الورقة أحاول تسليط الضوء ولو بصورة مبسطة، علي هذه البداية المتواضعة في نهاية السبعنيات من القرن الماضي.

لقد تأسس المسرح الجامعي سنة 1979م ــ 1980م، في جامعة طرابلس " الفاتح " حالياً، ولقد كنت أحد مؤسسيه مع أخوة أفاضل أكن لهم كل الإحترام والتقدير، منهم من تواصلنا معهم في مسيرة الفن والمسرح، ومنهم من ترك هذا المجال وذهب في حال سبيله، في ظل ظروف يصعب أن تمارس فيها فناً مثل " أب الفنون "، بإشكالياته وتعقيداته في بلاد مثل ليبيا في تلك الفترة أو بعدها أو حتي هذا الوقت.

كنت أول من كتب بكورة مسرحياته، بتجربة متواضعة تطرح قضايا إجتماعية، تهم الطالب في تلك الفترة، فكانت مسرحية " قضية للنقاش " الجزء الأول عرضت في أبريل 1980م، علي مسرح كلية العلوم، وكانت من إخراج الصديق الصادق العارف، في أول تجربة إخراجية له، كانت مجموعة العمل من مختلف الكليات، وكانت تجمعنا صداقة منذ أن كنا في المدارس الثانوية " المسرح المدرسي " لذلك كان لقائنا في الجامعة ليس إرتجالياً، ولكن لأننا نريد أن نفعل شيئاً في هذا المجال من حبنا للمسرح، وصدق هوايتنا، فكان المسرح الجامعي، وكنا نحن قادمين من تجارب قدمناها في الفرق الأهلية في مدينة طرابلس، فنحن لم نأتي هكذا بمحض الصدفة، ولذلك كانت تجاربنا في المسرح الجامعي موفقة، بشهادة طلاب الجامعة في تللك الفترة، والذين حضروا كل العروض التي قمنا بتقديمها، أو ما أنجزناه من عمل علي الشاشة الصغيرة في الثمانينيات من القرن الماضي.

كانت المجموعة التي أرست هذه البداية الطيبة، وهذه النوة للمسرح الجامعي تتكون من: أبوالقاسم التايب، الصادق العارف، بعيو المصراتي، عبدالهادي الغرياني، مصطفي الهوني، عبدالمجيد المصراتي، خديجة المدنيني، جميلة الشعناني، الطاهر محمد، وهم المشاركين بتقديم العرض المسرحي " قضية للنقاش " الجزء الأول، وكاتت تحت إشراف الفنان القدير " يوسف الغرياني " والمشهور بــ " قزقيزة "، والذي كان مشرفاً للنشاط المسرحي بقسم النشاط بجامعة الفاتح، تحت إدارة الأستاذ محمد أبودبرة.

وفي نفس سنة 1980م، كان هناك مجموعة أخري قدمت مسرحية " الشيخ والطريق "، للكاتب السوري علي عقلة عرسان وإخراج الفنان المرحوم الصادق شاكير، فهذا العمل كان مشترك بين فرقة المسرح الحر بمدينة طرابلس، ومجموعة من طلبة كلية التربية علي رأسهم الفنان يوسف الكردي و المرحوم عبد اللطيف المصراتي و د. مفتاح الفرجاني ومجموعة من أعضاء المسرح الحر في تلك الفترة. طبعاً هذه المسرحية قدمتها فرقة المسرح الحر في سبعنيات القرن الماضي، ثم كان هذا التعاون مع المجموعة لتقديمها في الجامعة.

وفي نفس السنة 1980م، كان هناك مجموعة أخري، قدمت مسرحية " أرض النفاق " لـ يوسف السباعي تحت رعاية نادي الوحدة الرياضي الثقافي بمدينة طرابلس، وكان من ضمن المشاركين في هذا العمل، الفنان مصطفي بوفه، والفنان مفتاح الجدايمي، والصادق الحاراتي ومجموعة شباب نادي الوحدة.

موسم مسرحي لثلاثة عروض مختلفة، تقام لأول مرة علي خشبة مسرح كلية العلوم ، فكانت خلطة كيميائية مسرحية، أعطت أستمراراً لهذه الفرقة، وأفرزت علي ضوء ذلك في سنة التي تلتها 1981م، مجموعة فرقة المسرح الجامعي، بعرض الجزء الثاني من مسرحية " قضية للنقاش " والتي كانت من تأليفي وإخراجي، وبها أسست قاعدة فرقة المسرح الجامعي فكان من المؤسسين " أبوالقاسم التايب، يوسف الكردي، الصادق عبية، عبدالمجيد المصراتي، بعيو المصراتي، خيري هدية، مصطفي الهوني، عبدالهادي الغرياني، عدنان عبدالحميد، ، وبمشاركة عيسي المعداني.

وفي سنة 1982، كانت مسرحية " هو وهي والوسواس " من تأليف وإخراج الفنان القدير الأستاذ محمد شرف الدين، والذي كان في نفس الوقت مشرفاً مسرحياً بإدارة النشاط المسرحي، الذي كان يرأسه في تلك الفترة الأستاذ محمد أبودبرة، والذي كان له الدور الكبير في تأسيس المسرح الجامعي، وهو من الداعمين لإستمرار أعضاء الفرقة في تقديم إنتاجهم المسرحي الموسمي.

كانت المجموعة التي شاركت في مسرحية " هو وهي والوسواس "، الفنان يوسف الكردي، أبرهيم اليعقوبي، بعيو المصراتي، راضية محمد، محسن العمامي، ومجموعة أخري من أعضاء الفرقة، وهذه المسرحية قدمتها فرقة محمد حمدي بطرابلس في منتضف السبعنيات من القرن الماضي، أي قبل أن تقدم علي خشبة المسرح الجامعي.

في سنة 1983، قدمنا مسرحية " مصباح القرية " وهي من تأليف الكاتب صلاح حمودة، وإخراج الفنان أبوالقاسم التايب، شارك في تقديها مجموعة من الشباب المتميزين، وقد كانت نقطة إنطلق لعددًا من الفنانين، أخدوا مواقعهم علي الساحة الفنية الليبية، فمنهم الممثل والمخرج الفنان الصديق عبد الرزاق أبورونية، حيث كان هذا العمل بدايته في طريق المسيرة الفنية، كذلك كانت هذه المسرحية، أول مشاركة للفنان خالد كافو علي خشبة المسرح.

مسرحية " مصباح القرية " كانت أول عمل يخرجه الفنان أبوالقاسم التايب، بتعاون مع المجموعة المنفدة للعمل، فنحن كنا نطبق مصطلح ما يسمي الأن " الورشة المسرحية "، دون أن يكون ذلك مبرمجاً في أجندتنا، حيث كنا نقوم بمراجعة المؤلف والمخرج فيما يقدماناه أثناء التدريبات اليومية علي المسرحية، وإبداء الملاحظات علي ذلك ثم متابعة عمليات التأليف والأخراج، وقبل بداية البروفات لنصل بالعمل إلي جودة التقديم والعرض، فكانت إجتماعاتنا خارج أوقات التدريبات، وهذا أعطي صورة إيجابية في تقديم العرض المسرحي وفي أستمرار المجموعة في تقديم العمل المتكامل.

قامَ المخرج التلفزيوني الراحل محمد الساحلي بإخراج "مصباح القرية " للتلفزيون في أربعة حلقات سنة 1983م، وتم تصوير العمل في سينما قابي سابقاً، المسرح الحر حالياً، فكان عملاً درامياً بوجوه جديدة، ومخرج متميز ومخضرم، قدم عملاً بأمكانيات متواضعة جداً، وشباب من المسرح الجامعي يخضون العمل التلفزيوني لأول مرة.

وقد قدّمت مسرحية " مصباح القرية " أيضا في مدينة وارسوا بـ بولندا في أكتوبر من عام 1983، للجالية الليبية هناك في مسرح الكلية العسكرية. وأعيدَ عرض المسرحية سنة 1984م، بفرقة المسرح الجامعي، بممثلين أخرين كان علي رأسهم الفنان عبدالباسط أبوقندة، الذي قدم الشخصية التي قدمتها في العروض الأولي، كان هذا أول عمل يقدمه الفنان عبدالباسط أبوقندة علي خشبة المسرح مع ممثلين شباب، فبدايته كانت " بنادي العروبة " بمنطقة الفرناج، حيث كان يشرف علي مسرح الطفل في النادي الفنان التشكيلي " إبراهيم الزروق "، وهو من إكتشف الموهبة لدي عبدالباسط فقدمه للمسرح الجامعي، قبلها قدم عدت أعمال مسرحية بنادي العروبة أخرها مسرحية " الأقنعة " تأليف الفنان عبدالله الزروق.

الفنان أبوالقاسم التايب واصل العمل بالمسرح الجامعي، وتقلد رئاسة قسم النشاط الطلابي بالجامعة ثم أستمر في تقديم الأعمال المسرحية، في سنة 1985م، قدم مسرحية " أم الظفاير " وهي من تأليفه وإخراجه، ثم في سنة 1986م، قدم مسرحية " فصد الدم " للكاتب سعدالله ونوس، ثم قدم مسرحية " عربة الحكايات ".

المسرح الجامعي بجامعة طرابلس " الفاتح "، هو من أسس اللبنة الأساسية والقوية، لتنطلق بعد ذلك الجامعات في تقديم أعمالها المسرحية، ومشاركتها في المهرجانات الداخلية والخارجية. وهو من قدم الكثير من المواهب التي قدمت وأثرت الحركة الفنية والمسرحية، بأعمال مسرحية وأعمال درامية وإذاعية مازال أثرها وصداها واضحاً في الحركة الفنية الليبية.

وأخيراً أحببت في هذه الورقة البسيط، أن أعطي صورة مختصرة ً علي تأسيس المسرح الجامعي في ليبيا، وسيكون لنا وقفات أخري، في أوراق أخري لتوثيق هذا الجهد وهذا العمل الذي قمنا به كامجموعة واحدة وبروح الهواية من أجل إرساء القاعدة والركيزة الأساسية للمسرح الجامعي الليبي. وحتي نفتح الطريق أمام من يريد أن يكتب عن المسرح الجامعي في ليبيا.

بعيو المصراتي

*******************

(1) تأسيس شبكة للمسرح الجامعي العربي للدكتور سعيد الناجي - القدس العربي

ليست هناك تعليقات: