الاثنين، 26 أبريل 2010


ملامح من المسرح الليبي المعاصر ـ 3

للكاتب الليبي نوري عبدالدائم

أحد المسلسلات التي شاركت فيها "بنات مختار" كان من تأليف الفنان الكاتب المرحوم مصطفي الأمير، وإخراج الفنان محمد الزنتاني، والصورة تجمعني بالفنان الصديق" محمد إكرازة " “بعيو المصراتي


وداعاً " مصطفي الأمير"

بتاريخ " 28-4-2006 م " غادرنا الكاتب والمخرج والممثل " مصطفى محمد الأمير " عن عمر يناهز على 83 سنة " الى متواه الأخير بمقبرة " سيدي بوكر " . غادرنا "الأمير" العاشق الطرابلسي أبن " زنقة الريفي " بالمدينة القديمة ، التي تشكّل من ذاكرتها وأزقتها. كما شكّل هو ذاكرة جيله و ذاكرة مدينته فيما بعد.

" مصطفى الأمير " ومع بدايات القرن الماضي أرسل كالعديد من الأطفال إلى " كتّاب الزرقاني " ليلتحق بعده بمدرسة " أمير بيامونتي " الإيطالية ، ممضياً فيما بعد ثلاث سنوات في المدرسة الإسلامية العليا. غادرنا بعدما أنهكته خشبات المسارح . وملته " كواليسها " . تمثيلاً وإخراجاً وتأليفاً ، وأضنته ملاحقة مستجداتها في مسارح " ميلانو " و " أسراكها ".

هذه الحيوية التي كان يتمتع بها " الأمير " من ممثل في فرقة " نادي العمال " التي أسسها الشاعر " أحمد قنابة " سنة 1944 م حيث برز في مسرحية " العودة الى المدرسة " تأليف وإخراج " د . مصطفى العجيلي " . إلى مؤسس لفرقة تضم جيله من الشباب ، أسماها " فرقة الشباب الاستعراضية " سنة 1948م " التي كانت باكورة أعمالها " مرغوب معترض " و " ضربة القدر " وجمعية المناحيس " ومشاركاً في كل أعمالها تمثيلاً أوتأليفاً أوإخراجاً أو " مونولوجست ".

بعد توقف " فرقة الشباب الأستعراضية " . كان عضواً مؤسساً وبارزاً في " فرقة رابطة المعلمين " صحبة " شعبان القبلاوي ، كاظم نديم ، عثمان نجيم ، سعيد السراج ... الخ " وقدم لها العديد من الأعمال منها " خطر المدجيل ، جليس السؤ ، النجاة في الصدق " بالإضافة مشاركته كممثل . كانت خلاصة هذه التجربة " الفرقة القومية للتمثيل والموسيقى " سنة 1951 م " التي ضمت العديد من الأسماء المهمة في الحركة المسرحية الليبية ، " محمد حقيق ، الطاهر الجديع ، البهلول الدهماني ، محمد قنيدي ، الطاهر العربي ، شعبان القبلاوي " ، وليلتقي رفيقا سيرته الفنان " محمد شرف الدين " والممثل " مختار الأسود ".

مكوناً هو والأول ثنائياً في تأليف وإخراج العديد من الأعمال المسرحية " الدنيا ساعة بساعة ، اللي يديره بيده ربي يزيده ، طبيب ونص عن موليير ،العسل المر ، اللي تضنه موسى ، كل شيء يتصلح ، قبر مشيد ولا خيال مشوم ، حلم الجعانين ، دوختونا " التي عرضت من خلال هذه الفرقة.

فالأمير لم يقتصر دوره على التأليف والإخراج فقط بل كان يقوم بمهام التكوين والإعداد لأعضائها ، فالفرقة القومية سيرة طويلة والتي كانت محطته الأخيرة ، كما ألف العديد من التمثليات الإذاعية والمرئية . " المؤتمر في عددها ...... كان لها موعد مع المرحوم " الأمير " رأت بأن تنشر جزء من هذا الحوار إحياء لذكراه وقيمته كمبدع أثرى الحركة المسرحية على مدى ست عقود . وهذا سبب أكثر من كاف لدى المؤسسات الثقافية للبحث على أثاره ونشرها تكريماً لهذا المبدع الكبير.

المؤتمر :- ماذا عن الفرقة القومية ؟ الأمير :- أخر عمل كان " سويلمة " التي قدمها " مفتاح المصراتي " . بعدها كان مشروع تعاون مع المرحوم " الأمين ناصف "... أمضينا معاً جلسات عمل تجاوزت الشهرين في هذا المنزل . وأطلعني على رؤيته التي كنت راض عنها تماماً حتى أنه في بعض الأحيان يجسد أمامي بعض الشخصيات حسب رؤيته .... لكن مع الأسف اختطفته المنية قبل أن يرى هذا المشروع النور ... المنية غريبة أحياناً . كانت صدمة بالنسبة لي . ولكن هكذا شاء القدر.. فليرحمه الله .

المؤتمر :- ألا تذكر اسم العمل ؟. الأمير :- هذا العمل كان خلاصة أعمالي المسرحية . ولم نتفق على اسم له أنا والمرحوم . وما زلت أحتفظ بالنص كمخطوط وهو ضمن خمسة أو ستة أعمال لم تنفذ.

المؤتمر :- مسرحية " شهرزاد" كانت مشروع للمخرج " د.حسن قرفال " في المسرح الوطني وأيضا لم يكتب لها العرض.

الأمير :- لم يكتب لها العرض بسبب هذه الإعاقة التي سببها فتور في الأعصاب المحركة للعضلات حسب رأي الأطباء . حاولت البحت عن حل قبل حلول الأزمة فذهبت إلى ألمانيا ولندن ولكن هكذا شاء القدر ، الحمد لله على كل حال.

المؤتمر :- ماذا عن تأسيس الفرقة القومية ؟ الأمير :- كان تأسيس الفرقة القومية جماعياً ، أذكر أنا وشرف الدين كنا من الأوائل والمرحوم إدريس الشغيوي شقيق حسن . ثم التحق بنا الطاهر الجديع . فالذاكرة لم تعد تسعفني... كنا مجموعة . ذهبت الأيام وذهب الأصدقاء ... فلكم أشعر براحة عندما أعلم بقدوم زائر . فلكل عذره ... فتكاليف الحياة أصبحت صعبة ومنهكة فلا لوم على أحد .

المؤتمر : - انتم تمثلون جيل الريادة ، وتمثلون ذاكرة وطن . وتستحقون الكثير ومن حقكم علينا الكثير .

الأمير :- أشكركم على شعوركم الطيب ، والعذر معهم فلكل منا تفاصيله وهمومه الخاصة والوقت ثمين... نعود للمسرح .

المؤتمر :- توقفنا عند شهرزاد . الأمير : - حسن قرفال قدم عملين من تأليفي " ما يقعد في الوادي إلا حجره " و" بين يوم وليلة " التي قدمت فيه" لطفية إبراهيم" أداءً متميزاً ، ومن صميم إبداعها . .. خروجها في أول العرض ب" المكنسة " لتكنس ذلك الحاضر الذي سيقدم على الخشبة . كانت فنانة بمعنى الكلمة ." لطفية " فنانة كبيرة.

المؤتمر :- ما مصير المخطوطات التي في حوزتك ... ومدى إمكانية الإطلاع عليها ونشرها؟ .
الأمير : - سأبحث عنها . لا أدري هل هي في هذه الأرفف أم بالداخل سأبذل جهدي في البحث عنها . فالذاكرة لم تعد تسعفني فهذا المرض ووزن السنوات العشر كان ثقيلاً ... الحمد لله البركة في الأولاد . أنا أنجبت عشرة أبناء ستة أولاد وأربع بنات كلهم زوجتهم وعلمتهم . ومحفوف بثمانية وثلاثين حفيداً منهم الجامعي والدكتور والمهندس وعندي أبن الحفيد.

المؤتمر : - ماشالله ... تبارك الرحمن ... ربي يحفظهم . الأمير :- الله يسلمكم ..ويحفظكم .. ويحفظ الجميع .. وينجيكم من آفات الزمان ومن دعاة الشر" ومن العين.. مافيش زي العين تأخذ.

”رحِم الله الكاتب الفنان مصطفي الأمير، الذي أثر المكتبة الليبية بموروث قيم من الأعمال المسرحية، وتاريخ مسرحي حافل بالعطاء في كل إبداعات الفن، أتمني أن تعاد عرض مسرحياته علي خشبات المسارح الليبية والعربية فهي ذات قيمة تؤرِخُ لمرحلة مهمة في سنين المسرح الليبي وكذلك تؤرِخ لكاتب أعطي الكثير في مسيرته الفنية المسرحية عبر عقود من الزمن، فهل هناك أذان صائغة؟ فالمسرح الليبي أوضاعه معلومة للجميع ولا تخفي علي أحد، " الله المستعان " ولكن يبقي في الحياة نفس وروح، والشباب هم أساسها، فهل هناك شباب يتحمل أن يحمل ما صنعته هذه الأجيال عبر سنين وعقود من التعب والشقاء والإنتكاسات في دولة تردد دائِماً أن الفنان والمبدع له المكان، فأنا لم أرهُ في هذا الزمان “. بعيو المصراتي

*******************

ليست هناك تعليقات: