الثلاثاء، 2 مارس 2010


شعبان القبلاوى من الوزارة إلى الركح


شعبان القبلاوي الشقروني النفوسي ( 1928–2009 ) من الفنانين ورواد المسرح والتمثيل الدرامي في ليبيا منذ الخمسينات وله أعمال مسرحية وتلفزيونية وإذاعية كثيرة.

وطني عكا ..... وطنى عكا..... وطنى عكا هكذا كان يجلجل صوته الذي تهتز له ردهات الكشاف في المسرحية التي أخرجها الفنان الطاهر القبائلي .. وطني عكا .. للمسرح الوطني .. " طرابلس " وخص الفنان شعبان القبلاوي بدور هام .. يعلو صوته فيه مناديا .. وطني عكا .. فتستجيب له أروقة الركح .. ويدغدغ هذا الصوت أسماعنا .. فرج قناو يقول .. لو أن عرضا كهذا كان على مسرح الماري ماري فيغيضني هذا الطرح المفاجئ .. ياصديقي العزيز : الماري ماري .. سيتم وأده كما يحاولون منذ مدة وأد مسرح الغزالة .. وقد رأيناهم يمسحون الكورسو الصيفي .. ليتحول إلى موقع يركن المرفهون فيه سياراتهم ..

وطني عكا ..هذا الصوت الذي تهتز معه كراسي الكشاف .. تسمع حركتها وهى ترتعد وقد شد الحضور .. وانتبه له الجميع .. مسرحية وطنية بمعنى الكلمة ، وكفاءات فنية .. كانوا أبطالا بحق .. إذا سمعت دبيبهم على الخشبة ، تحسبهم روادها .. شعبان القبلاوي ، لطفي بن موسى ، عمران المدنيني ، علي الخمسي ، الدوكالي بشير ، سالم بوخشيم ، علي القبلاوي ، عياد الزليطني, مصطفي المصراتي, سعاد الحداد, لطفية إبراهيم .... طائفة يكتظ بها هذا المكون العجيب وتفرح حين تلقاهم .. وغيرهم ممن يملؤون الساحة بحضورهم الواعد والمستمر.

وطني عكا....... لكن هذا الصوت ، غادرنا رحل .. ترك نسخة النص الذي كان يذاكره فجأة ، وبدون مقدمات ، أو حتى اعتذار .. يقفل النص ، ويتوسد يده .. ويتكيء .. فلا يعود سيرته الأولى . يغيب كما غاب علي القبلاوي .. الصادق شاكير .. سليمان المبروك .. فرج قناو .. محمود الاشهب .. الأمين ناصف .. سالم بوخشيم ... عبد الله تامر... محمد زميت.... مختارعوبة..... لطفي المصراتي..... وكما أننا نحفظ له دوره الرائع ، وبقية ما شارك فيه من أعمال درامية وأعمال مسموعة ومسرحيات عديدة ، نؤمن كامل الإيمان بأن إرادة الله جلت قدرته قد غيبته عنا بالموت الذي هو حق .. لابد منه .. فلا مرد لقضاء الله .. لكن الفنان المميز الذي أحببناه شعبان القبلاوي .. سيبقى معنا فعلاً رائعاً ، ورائداً في مجال المسرح والفن عموماً ، وفناناً فرض حضوره بملكاته ومواهبه الفذة , فرحمه الله ، وأسكنه فسيح جناته .

رحــــل الفنــان القدير شعبان القبلاوى عن عمر يناهز الـــ81 يوم الخميس 2009 / 11 / 26 بعد مشوار طويل من العطاء اللامحدود من الأعمال الفنية التي بقيت في ذاكرة كل من عرفه فنان سخي العطاء, عندما كنا نلتقي معه في اروقة أستوديوهات الإذاعة المسموعة, تغمرك أبتسامته وبشاشـته وتحس بطيبة قلبه واحترامه الشديد لنفسه ولفنه وللآخرين .وعندما تحدثه ... تكتشف أن حديثك معه يتسم بالتلقائية والبساطة وأن فارق السن يزيد من المودة والألفة فكانت ملاحظاته في فن الإلقاء الإذاعي الذي خبره وعرف أسراره, يستفيد منها الجميع, كباراُ وصغاراُ .

ولد الفنان الراحل شعبان القبلاوي في عام 1928 حيث بدأ مسيرته الإبداعية في مستهل شبابه وهو ابن الثامنة عشر في العام 1946 في مسرحية "الأمين والمأمون" من تأليف محمد سعيد فوشيكة وإخراج كل من ذات المؤلف والفنان مصطفى الأميروهي تمثل نقطة البداية والانطلاق إلى عالم المسرح .. الذي يقول عن قصة دخوله لهذا المجال .. انه وبعد تحصله على الشهادة الثانوية التي كانت تسمى الكفاءة الثانوية – وكان من أوائل الطلبة المتحصلين على هذه الشهادة وحملت رقم ( 1) اصطدم برفض والده السماح له بالسفر إلى القاهرة لإتمام تعليمه هناك مع بقية زملائه لأنه كان يريده أن يصبح تاجراً مثله علاوة على أنه لم يكن ليسمح لابنه الوحيد بالابتعاد عنه وفى المقابل اضطر الوالد أمام إلحاح زملاء الابن في الدراسة إلى السماح له بالدخول مجال التمثيل الذي سبق له وتمشيا مع نظرة المجتمع وقتذاك أن رفضه بشدة .

وفى عام 1948 يصبح الفنان شعبان القبلاوى زوجاً حيث وجد في الأسرة استقرارا و سندا له في مواصلة مشواره الفني وفى المقابل كان يعبر عن مدى حبه لزوجته وأبنائه وأسرته .... التي لقيت منه العناية والاهتمام الكبيرين جنباً إلى جنب مع ما أعطاه لفنه من احترام والتزام تميز وعرف بهما بين زملائه الفنانين فاكتسب حبهم وتقديرهم وفي الوقت الذي كان يكبر فيه أبناؤه وإلى أن أصبحوا أساتذة في الجامعة كان عطاؤه وخبرته الفنية في اطراد ونمو كبيرين استطاع أن يوفق بين مشوار حياته الخاصة كزوج وأب ومشواره الفني كممثل أصبح معروفا بقدراته و إمكانياته الكبيرة وبالتالي كان مطلوباً لأداء العديد من الأدوار ذات التكوين والأبعاد المختلفة .. الأستاذ يوسف وهبي أثناء زيارته وفرقته المسرحية لطرابلس حوالي عام 1950 يطلبه ليشاركه في مسرحيته الشهيرة أولاد الفقراء – ويسند له دور عضو المحكمة وقبل هذا وفى عام 1949 حيث أشاد الفنان الكبير " يوسف وهبي " بموهبته وحسن أدائه ، وفى نادي الاتحاد يشارك في مسرحية طارق بن زياد – إعداد وإخراج المرحوم : سعيد السراج وفى عام 1948 وبعد مسرحيته الأمين والمأمون يشارك في مسرحيه حذق الطبيب من تأليف وإخراج مصطفى الأمير .. ونلاحظ في أعمال تلك الفترة أن مؤلف النص كان يتولى إخراجه وفى الغالب بنفسه متشابها في هذا ببدايات المسرح الأولى وفى أوائل الخمسينات تبدأ علاقته بالإذاعة المسموعة مع مسلسل عنترة بن شداد في حين كانت يوميات عائلية آخرها ولا يزال يحمل شوقا كبيرا للعمل بالمسموعة نظراً للمساحة الكبيرة المتوفرة فيها, وقلة أو نقل لقلت الآعمال الدرامية.

كانت " محكمة الضمير".. أول أعماله الدرامية ..." الحل المرفوض" من تأليف عبد الحفيظ بوسبولة وإخراج فخرالدين صلاح ... " السوس" تأليف أحمد الحريرى وإخراج ممدوح مراد 1984 بينما كان آخرها العمارة "2002" وهى من تأليف عبد الرحمن حقيق وإخراج محمد مختار .. والكثير من الأعمال الدرامية صحبة فناني الدرامة الليبين, مواصل مشواره الفني بكل ثقة واقتدار .

أما خشبة المسرح لها حكاية أخري ... "جناب المفتش" في عام 1954 لغوغول وهي من تلييب وإخراج سعيد السراج وشارك مصطفى الأمير في الإخراج .... " حسناء قورينا " إخراج خالد خشيم...." وطني عكا " " الزير سالم " إخراج الأمين ناصف " حسان " وهى آخر أعماله المسرحية تعريب الدكتور على فهمي اخشيم وإخراج خالد اخشيم .

أما الآعمال السينمائية شارك الفنان شعبان القبلاوي في عدد منها رغم نذرتها, منذ الخمسينيات من القرن الماضي التي صورت في ليبيا كان آخرها دوره المتميز في شريط " الرسالة " إخراج الراحل مصطفى العقّاد وبعض الأعمال البسيطة أنتجتها الشركة العامة للسينما بطرابلس.

شارك مسيرة الفنان " القبلاوي " الفنية الفنان محمد شرف الدين – عبد الهادي المزداوى – مصطفى الأمير – محمد حقيق ... وآخرون .
ومن خلال مشاركته في عدد من الأعمال العربية الكبيرة منها المفسدون في الأرض وفرسان الله ومن أجل شقة وغيرها وهي أعمال من إنتاج لبيي, ومشاركة قليلة من الفنانين الليبين.... إنها لمحة بسيطة عن هذا الفنان, والذي كان نموذجاً طيباً للممثل الفنان صاحب العطاء الجيد والمتواصل داعــين له بواسع الرحمة والمغفرة.

عن موقع " أويا " بتصرف بعيو المصراتي

ليست هناك تعليقات: